.... غريب 🌿



  الكاتب_ الشاعر أ.عبد الفتاح الطياري

🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿 

غريب العائلة

المقدمة: 

كان سعيد يجلس دائمًا في ركن الصالون العائلي كضيف ثقيل لا كأحد أبناء البيت. الضحكات تتطاير من حوله، الأحاديث تتشابك، لكنه يشعر أن الكلمات تمرّ بجانبه كهواء بارد لا يلامسه. منذ طفولته وهو يسمع تلك الجملة التي تتكرر همسًا:

سعيد… مختلف.

مختلف في أفكاره، في اختياراته، حتى في طريقته في النظر إلى الأشياء. أحبّ الكتب بدل السهرات، فضّل الصمت بدل المجادلات، وحلم بحياة لا تشبه خطط العائلة الصارمة.

والده يريده أن يسير في تجارة العائلة، أمّه تتمنى أن يكون نسخة مطابقة لإخوته: متزوج مبكرًا، منزل كبير، أطفال يملأون البيت. لكنه كان يرى نفسه في مكان آخر؛ مدينة بعيدة، عمل يحقق فيه ذاته، وأحلام لا تقيّدها تقاليد ولا أعراف.

مع مرور السنوات، ازداد شعوره بالعزلة. صار حضوره في المناسبات العائلية مجرد واجب ثقيل. ينظرون إليه بنظرات مشوبة بالشفقة أو الاستنكار، يسألونه الأسئلة نفسها:

متى تستقر؟ متى تتخلى عن أفكارك الغريبة؟

وفي كل مرة، يبتسم ابتسامة قصيرة و يكتفي بالصمت. لم يكن يكرههم، لكنه أدرك أنهم يعيشون عالمًا مغلقًا، وأنه لا يستطيع أن يتنفس إلا خارج أسواره.

في إحدى الأمسيات، بعد جدال طويل مع والده، خرج من البيت دون أن يلتفت. لم يودّع أحدًا، لم يشرح شيئًا. فقط حمل حقيبته الصغيرة، ومضى نحو حياة يعرف أنها لن تجعلهم فخورين به، لكنها – أخيرًا – ستجعله فخورًا بنفسه

يتبع في ثمانية أجزاء 

بقلمي عبدالفتاح الطياري -تونس

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

(((( أبت الحقارةُ أن تفارِقَ أهلها. ))))

يا من تراقبني بصمت

((((( قلت لأحلامي تعالي فتعالت. ))))