.... مرآة والدي🌿
الكاتبة_ الشاعرة أ.هانم عطية الصيرفي
🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿
**مرآة والدي**
تلك المرآة التي ترى انعكاس صورتى بعيون والدي، تلك هي التي أطفأت حُلم فراشة حالمة في عمر الزهور. لم تكن تلك الفراشة مذنبة، بل مثلها كمثل الأخريات في سن المراهقة، تقف أمام مرآتها لتُصَحِّح تسريحة شعرها، وترش عطراً ينعش أجنحتها. من أجل أن تحلق بهما في السماء، فتاة عاشقة لألوان الزهور التي تصبغُ ملابسها الورديّة والحمراء.
أذكر ذلك اليوم عندما وقف في وسط غرفتي ليُلقِّنني درساً كان يرى فيه أخلاقاً وموعظة، لكنه لم يعلم أنه اقترف جريمة بحقّ أحلامي. قال لي حينها: "لا داعي لما تفعلينه؛ لست فتاة جميلة ستتوافَد عليها عرسان البلدة كالأخريات من الجميلات". وأكمل حديثه قائلاً: "عوّضي نقص هذا الجمال بالدراسة، اصنعي لنفسك حياة ومجالاً ناجحاً، واتركي هذه التفاهات وراءك" لقد كان يعتقد أن هذا يثنيني عن أنوثتي
مذ تلك اللحظة، شعرت أنه اغتال أنوثتي التي منحها لي الله. ومن ذلك اليوم، دخلتُ في حالة اغتيال مستمر لنفسي بنفسي. أصبحتُ أُكرِّر كلمات والدي وأُصدِّقها بلا تفكير أو تحقيق. كلماته ما زالت تَرِنُّ في أذني رغم بلوغي الأربعين، وها أنا ما زلت أُخاصِم نفسي وأرفض الوقوف أمام المرآة. الأسوأ من كل هذا هو أن أنوثتي خَفَتَت وتلاشت أمام قناعة لم يتح لي فرصة التحقق من صحتها، بل صدّقت عليها وآمنت بها.
دون أي مقدمات، انكسرت مرآة والدي ذات يوم، وما كان علي سوى شراء واحدة جديدة دون أن أفكر أو أنظر في شكلها. وضعتها في غرفتي واستخدمتها فقط لتنسيق ملابسي عند الخروج للعمل. لكن مع كل مرة أدخل فيها غرفتي تجذبني تلك المرآة الجديدة، كنت أجد شيئاً جميلاً ينعكس فيها؛ شيئاً يملك جاذبية غير مألوفة بالنسبة لي. إنها "الأنثى"، تلك التي كسرت مرآة والدي شوكتها وأخفت جمالها،
🖊 هانم عطية الصيرفي
تعليقات
إرسال تعليق