....حقيقة🌿


 

 الكاتبة_ الشاعرة أ. ام إبراهيم

🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿

حقيقة مرعبة في وادي السلام!


ذهبت لزيارة قبر والدي المتوفى، لا زلت لم أدخل المقبرة، وأنا على بابها، شعرت بأن تلك الأرض تجذبني، لتخبرني أنها دار ومأوى حقيقية. وحين دخلت، صرت أبحث عن قبر والدي وأنا أحمل بيدي دورق ماء لكي أسكبه على القبر، فتلك هي عاداتنا، نعتقد أن ذلك سيخفف من عذاب الميت!


ورغم ذلك السكون والوحشة هناك في تلك القبور، إلا أنني شعرت بأن من يسكنونها ليسوا أقل عذابًا منا، وأنهم ينادوننا لكننا لا نسمعهم. ربما هم الأفضل، فهم قد وصلوا إلى مرحلة ما قبل الأخيرة، لتبقى أمامهم مرحلة انتقال واحدة، ويبلغوا دار خلدهم!


جلست عند قبر والدي (رحمه الله) شعرت بأن روحه تحوم حولي، بكيت وهل البكاء ينفع؟.. فكم اشتقت له، وتمنيت لو أنه يعود، لكي أقبل يده، لأتأكد من رضاه عني. لكنني لم أجد سوى كومة صخور على تربة أعتبرها أنا طاهرة، أطهر من روحي، وروح أبي التي تعذر عليَّ رؤيتها ولمسها! طلبت لوالدي الرحمة والمغفرة، وطلبت من الله أن يشفع لي برضاه عني، إن كان راضيًا عني.


غسلت بالماء سطح قبر والدي وقبلته، ومسحت بقية الطين الموجود بمنديل كنت أحمله، لأحتفظ به للتبرك.


رجعت أدراجي بعد تلك الزيارة، وأنا أتلفت خلفي، ليس خوفًا من أي شيء، لكنني متأكدة بأن من يرقدون في القبور، ينتظرون أهليهم ليذكروهم دائمًا، فهم بأشد الحاجة لذلك، كأنني أراهم يمدون أيديهم بطلب الرحمة، ربما في زيارة، أو قراءة دعاء، أو تلاوة سورة وأهديها كثواب يخفف عنهم وحشتهم.


زيارة القبور جيدة، فهي تذكرنا بأن الدنيا دار فناء، وأننا لاحقون بمن التحقوا بالملكوت الأعلى لا محالة.


وحين ابتعدت والتفت ونظرت إلى تلك المقبرة الواسعة، كمد البصر، علمت أنها تتسع يومًا بعد يوم. بعدها نظرت إلى جانبيَّ، رأيت جنائز عدة تحمل على الأكتاف، من يحملونهم يركضون بهم، ليلتحقوا بمن سبقوهم، ولا يزال الملك الموكل بقبض الأرواح في مهمته، يبحث عن من سقطت ورقته من شجرة الدنيا!


وددت لو أني أظل هناك، لكي لا يغيب عن بالي الموت أبدًا، ولكي أعتبر بأن الدنيا دار فناء، وأن الموت سوف يتذكر كل من على الأرض، ونحن لا نعلم أين وبأي أرض نموت وبأي ساعة!


وفي نهاية حديثي هذا أطلب العفو لي ولكل من يقرأ كلماتي، وأن يرضي الله عني والداي، وأن تكون خاتمة عمري خيرًا وهينة، وأن يرزقني ربي دائمًا زيارة قبر والدي، لأنني أشعر بأنه ينتظرني دائمًا.

ولدي يقين بأن حاجاتي ستنقضي عند قبره إذا طلبت من الله أن يرضى عني، ولن يوفقني الله ما حييت، إلا بالاستمرار في طلب رضاهم عني، خاصة والدي.  

والحمد لله رب العالمين.


بقلمي أم ابراهيم

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

(((( أبت الحقارةُ أن تفارِقَ أهلها. ))))

((((( قلت لأحلامي تعالي فتعالت. ))))

يا من تراقبني بصمت