طبلة العمر

 الكاتب يونس الحداد

يكتب

🌿🌟🌿🌟🌿🌟🌿🌟🌿


🌱🌟🌱🌟🌱🌟🌱🌟🌱🌟🌱

طبلة العمر

___________________

(1)

حزمت حقائب تمويني الشهري وبينما أتلفت يمينا ويساراً أبحث عن توك توك لأركبه؛ إذا بسيارة فارهة تقف أمامي وينزل منها رجل في الأربعينات من عمره يرتدي بزّة سواريه وتفوح منه رائحة عطر خيالية.. اقترب مني خطوة خطوة فشعرت بالقلق وقلت في نفسي: أنا لا أعرف أناسا بهذا الثراء وبتلك الأهمية.. اقترب مني حتى وقف أمامي يشبّه على وجهي وأشبّه عليه.. فإذا هو زميل الدراسة الذي لم ينجح في الحصول على شهادة الثانوية العامة وخرج منها، إنه طارق الذي اختفت أخباره منذ زمن..

(2)

- أهلا بزميل الدراسة وصديق الطفولة.. لم أركَ منذ زمن بعيد.

- حبيبي اشتقت إليك كثيراً.. كما ترى انشغلنا في الدنيا.

- أرى دنياك ازدهرت وتزينت بألوان الربيع.. ما الذي حدث لك؟ هل سافرت للخارج أم تاجرت في السجائر؟

- (ضاحكاً) لا لقد أصبحت فنّاناً.

- (متعجباً) في أي نوع من الفن؟!.. لم أركَ يوما عازفاً أو ممثلاً على مسرح المدرسة ولا تملك صوتاً جميلاً.

- احترفت فناً آخر.. فن الضرب على الطبلة.

- طبلة (متعجباً).. هل الطبلة تجعلك تركب سيارة مرسيدس بثلاثة ملايين جنيه؟!

- (رافعاً رأسه بفخر) نعم يا حبيبي طالما تدق على الطبلة بطريقة صحيحة ستصل لأعلى في هذه الدنيا.

- (متعجباً وبصوت مندهش بشدة) أليست الطبلة هي التي كنا نلعب بها في المولد؟.. الطبلة المصنوعة من جلد حمار وتفرقع في وجهنا في نهاية اليوم.

- (ضاحكاً) لا يا حبيبي أنا طبلتي نوع آخر لوح من الزجاج على شكل دائري ملصق في شكل دائري طويل من الخشب.

- ليكن.. هيا بنا لنجلس في كافيه وحدثني عن رحلة صعودك مع الطبلة.

- سأحدثك.

- بعد ما خرجت من المرحلة الثانوية دون إتمامها فشلت في تعلم أي صنعة، وكنت منذ صغري أحب الطرق على طبلة المولد، سمعني في يوم أحد العازفين في الأفراح الشعبية.. فقال لي: نحن نحتاج لطبال في فرقتنا لأن طبالنا ترقّى وأصبح يطبل في الفنادق الكبرى والحفلات الخاصة.

قاطعته: وهل توجد ترقيات للطبالين مثل الموظفين.. يعني الطبالين مستويات.

قال لي: اصبر سأخبرك.

- قل يا سيدي.

(3)

ذهبت للفرقة الشعبية.. كانت الفرقة تقيم فقرة من دق الطبول.. جعلت أضرب على طبلتي والناس يتفاعلون معي.. ينجذبون لعزف أطراف أصابعي عليها.. أضرب ويسحرون.. حتى أصبحت أفضل طبال في الفرقة.. تعاقد معي فندق كبير على عمل فقرة كل ليلة في الملهى الخاص به مقابل أربعين في المئة من إيراد الليلة الواحدة .. وافقت على مضض.. تعلم؟ الأربعين في المئة كانوا يعادلون أربعين ألف جنيه في الليلة.

- (متعجبا بشدة وحزينا) كل ذلك من التطبيل.. لقد ضاع عمري في التعليم.

- نعم يا صديقي كل ذلك من التطبيل.. لذا سأوصيك بوصايا تعمل بها بقية حياتك حتى تتحسن معيشتك.

- قل يا حبيبي

- الوصية الأولى: البقاء للطبالين والزوال للعازفين.

الوصية الثانية: ارتفاع درجة حرارة الطبلة يؤدي إلى أعلى مستوى من النجاح.

الوصية الثالثة: إذا ذهبت لأي مكان لا تنسَ أن تأخذ طبلتك معك ففيها نجاتك ونجاحك.

الوداع يا صديقي.

______________________

كتابة/ يونس الحداد


🌱🌟🌱🌟🌱🌟🌱🌟🌱🌟🌱

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

(((( أبت الحقارةُ أن تفارِقَ أهلها. ))))

يا من تراقبني بصمت

((((( قلت لأحلامي تعالي فتعالت. ))))