الكاتب.. عبده داود.. يكتب.. أحلام أنثى.

 أحلام انثى

الحلقة السادسة عشر

عودة الحلم


تابعت سحر قصتها قالت:   راجعت نفسي، هل أتصل مع لويس أم أبتعد؟

 قلت أنا لا أرضى أن أتخلى عن كل أحلامي، ومشاريع حياتي، حتى أكون السيدة الثانية في قلب لويس، سأكون جسداً مطية تمطيه المرحومة جورجيت، وفي أحسن أحوالي، سأكون وصيفة لإنسانة في عالم الأموات...

لا وألف لا، سأحطم قلبي ، أنا سحر ، أنا ملكة جمال، أنا عازفة بيانو مشهود لها، أنا خريجة جامعية بدرجة تفوق، والآن أنا أعمل لأكون كاتبة وأحلم أن تترجم كتبي إلى لغات عديدة...

من تكون جورجيت هذه، حتى أكون أنا لها جسداً تمطيه بعد أن رحلت عن عالمنا... ومن يكون هذا لويس الذي سرق قلبي، وكنت أجهل بأن قلبه ليس خاليا، القلب لا يتسع سوى لإنسان واحد... 

يبدو أني تسرعت كثيرا وأهديت عواطفي إلى  إنسان أجهله، لا أعرف كيف بهرني في لحظات، وكيف أنا استسلمت له وقبلت أن أسلمه قلبي، ربما هي ظروفي  فرضت  ذاتها...

وأخذت قرارا حاسما: لن أتصل به، يجب أن أقطع صلتي به نهائيا، أنا لست مسؤولة عن مرضه النفسي، وعقدة جورجيت، ربما يشفى من هذا المرض، وربما لا يشفى. وأكون أنا وهبت نفسي مجانا إلى إنسان عابر في حياتي، كانت مجرد سحابة  ورحلت...

لويس انتهى إلى الأبد، كنت ألوم حالي على حب طائش كاد  يجرفني إلى الهاوية... ويوماً بعد يوم صرت أعتبر ما حدث في حياتي كان مجرد أحلام أنثى استيقظت منها... كان مجرد كابوس وانتهى، ولكنه ترك في قلبي جراحا لن تندمل...  

لقد انتهى الحلم المسحور، وعدت إلى عالمي وأشرقت شمس أيامي جديدة  مختلفة... 

مرت أشهر، لم أعد أجافي الكابتن سليم، لكنني لم أكن أسايره، الحقيقة أنا أحترمه، ولكنني لا أحبه، أو بالأحرى لم أقدر أن أحبه، هو يعجبني، لكنه لا يستهويني، ولم يحرك قلبي كما فعل بي لويس...

لويس كان  نبضات القلب التي تراقصني  مع مفاتيح البيانو البيض والسود، كان لحنا صارخاً في كياني،  وقلت كان لأنني اعتبرت قصته رحلت وانتهت.

 الكابتن سليم  أعتبره  العقل، والمنطق السليم،  ويملك مقومات الزواج الناجح، لكن أنا لا أقدر أن أكون زوجة بلا حب...قلبي يجب أن يشتعل، يلتهب كم فعل بي لويس،  لكن من أين نأتي بلويس آخر...  

 ولم أكن أدري بأن لويس الغائب عني، هو حاضر  اليوم

في دار أهلي...   مفاجأة  أشعلت نار قلبي التي  خمدت ناره، بمجرد أنه صافحني،  وقال لقد اشتقت لك.

 الأب ميشيل ﻻحظ استغرابي،  لم يتركني أتساءل عن سبب الزيارة إذ سرعان ما قال: السيد لويس، جاءني طالباً معلمة خاصة لابنه جورج، لأن معلمته اخبرت والده بأن ابنه لا يشارك التلاميذ ولا يلعب معهم، منزويا معزولا في المدرسة وعلامات حزن عميقة تبدو على وجهه...

لذلك جاءني لويس طالباً معلمة قديرة تقف إلى جانبه في المنزل تعلمه وتحاول أن تدخل السرور إلى ذاته. وبالتالي تقوم  بترميم داخل ابنه المسكين بعد مغادرة أمه...

ولم أجد غير هدى تقوم بهذه المهمة الصعبة، أنا أعرف مقدرتها. وأعرف كم هي جديرة بمثل هذه المسؤولية الضخمة، وهذا هو اختصاصها  الجامعي، وقد نوه السيد لويس عن أجر شهري يعادل معاشات  عدة شهور في الوظيفة، إضافة إلى وجود سيارة تحضرها من المنزل وتعيدها إليه...والأهم من هذا وذاك هذا العمل يعتبر عملاً إنسانيا كبيرا، وأنتم في هذا المنزل قدوة لعمل الخير... ما رأيك أستاذة هدى؟

ساد صمت، وهدى لم تجب بحرف واحد، ولما أعاد أبونا السؤال  ذاته قالت: حسناً أبونا سأفكر في الأمر وسأرد عليكما الجواب قريباً...

المشكلة أختي هدى كانت تعرف كل شاردة وواردة في علاقتي مع لويس...بعد رحيلهما دخلت إلى  غرفتي  لحقت به هدى وقالت كان عرض لويس مغريا، لكن أنا تريثت بالرد لأعرف ما هو موقفك أنت، وأنا أعلم كم تعانين من قصة حبك مع هذا الإنسان.

قلت حبيبتي هدى. غدا رحلتي إلى الكويت، سوف أفكر بالأمر في أعالي الجو وربما، سأخلص إلى نتيجة ترضينا أنا وأنت...

في الطائرة كنت أنظر إلى المقعد الذي كان يجلس عليه لويس حبيبي، نعم حبيبي، لأنني أحسست بعدما رأيته بالأمس بأنه لا يزال حبه متأججا  في داخلي...

أنا لا أريد أن أعود إليه، ولكن ما ذنب أختي أن أحرمها من دخل شهري كبير... ما هو ذنبها؟ ثم هي ستذهب إلى داره أو بالأحرى، إلى دار المرحومة جورجيت التي ما فتئت تعيش في قلب لويس، لا ذنب لأختي إن كانت جورجيت ماتت أو لا تزال شبحا في عالمنا، أختي هدى لا يعنيها الأمر لا من قريب ولا من بعيد...

عدت وأقنعت أختي بالموافقة. 


الكاتب: عبده داود

إلى اللقاء في الحلقة السابعة عشر 

من يود قراءة الحلقات السابقة يجدها في: 

(مجموعة أحلام أنثى)



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

(((( أبت الحقارةُ أن تفارِقَ أهلها. ))))

يا من تراقبني بصمت

((((( قلت لأحلامي تعالي فتعالت. ))))