الثقة العمياء







الأديبة / رومي الريس  / تكتب 

 بعد إنتهاء مراسم العزاء

جلست على الأريكة

وسرحت بخيالها مع ذكريات الماضي الجميلة

حين التقت زوجها لأول مرة في قاعة الدراسة بجامعة الحقوق

كان شاباً وسيما 

بعينين بنيتين تشعان ذكاءا وجاذبية، شخصية

مرحة وجذابة

وقعت بغرامة من النظرة الأولى

وكذلك فعل هو فقد كانت على درجة عالية من الجمال والرقة

تزوجا قبل إنهاء دراستهما ،ورزقا قبل التخرج بفتاة جميلة

هي ثمرة حبهما الكبير

عاشا حياة هادئة ومستقرة وأصبح الزوج محامياً مرموقاً و اسما معروفاً في مجال المحاماة واكتفت الزوجة بالاعتناء بشؤون المنزل ورعاية ابنتهما الوحيدة، ومرت الأيام بسلام وكبرت الابنة وصارت فتاة جميلة 

يتسابق الخطاب للزواج منها وسرعان ما ارتبطت بعلاقة عاطفية مع زميلها و كأن التاريخ يعيد نفسه  ،وتكللت قصة حبهما بالزواج الميمون

وغادرت الابنه منزل والدها لمنزل زوجها وتركت الأب و الأم يقاسيان من بعدها عنهما بعد أن سافرت مع زوجها للخارج وانشغلت بحياتها وزوجها وأطفالها

وظلت الأم تعاني من الوحدة حيث كان الزوج يخرج إلى مكتبه في الصباح الباكر ويعود في وقت متأخر جداً مساءاً

لكثرة الزبائن ودواعي العمل

لم يكن هذا الأمر هو ما يزعجها فقد تعودت عليه بمرور الوقت و تأقلمت معه ولكن ما أصبح يشغلها حقا هو هذا التغير الكبير في أحوال الزوج شكلاً و مضمونا

فقد أصبح يرتدي ملابس لا تتناسب مع عمره وصبغ شعره الأبيض باللون الأسود و كان يبقي منعزلا في حجرة مكتبه في البيت لفترات طويلة وقلت المحادثات

بينهما حتى انعدمت تماماً، ولاحظت زوجته

أنه يتحدث لأوقات طويلة على الهاتف وحين تدخل عليه ينهي المكالمة على الفور ويغادر المكان على الفور ليخلو بنفسه في مكان آخر وهذه التصرفات الغريبة من جانب الزوج أثرت بشكل كبير على نفسية الزوجة و أدخلتها في دائرة الأحزان

وفي بعض الأحيان كانت تنتابها الظنون والهواجس بشأن إخلاص زوجها، ولكنها سرعان ما كانت تطرد تلك الأفكار السيئة من عقلها فهي تثق به ثقة عمياء ،وتعرف أنه يبادلها حبا بحب 

،وذات يوم تلقت مكالمة هاتفية من المستشفي واخبروها أن زوجها قد أصيب في حادث انقلاب سيارته ، توجهت على الفور في حالة يرثى لها ،اخبرهاالطبيب

أن زوجها في العناية المركزة وحالته خطيرة جدا ،وحياته على المحك

انهارت الزوجة المسكينة

و أغمي عليها من الصدمة وحين أفاقت كان الزوج قد فارق الحياة 

وفي ليلة العزاء وبينما كانت الزوجة منهارة من البكاء وفي حالة يرثى لها وقفت تلك المرأة الفائقة الجمال أمامها

ومدت لها يدها وقدمت لها واجب العزاء

نظرت لها الزوجة بدهشة وسألتها :من أنت؟

أنا لا أعرفك

ردت عليها: أنا زوجة المرحوم 

نظرت الزوجة لصورة الزوج المعلقة على الحائط وارتسمت على وجهها ضحكه بلهاء ثم أجهشت بالبكاء

          تمت

    بقلمي رومي الريس

الثقة العمياء

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

(((( أبت الحقارةُ أن تفارِقَ أهلها. ))))

يا من تراقبني بصمت

((((( قلت لأحلامي تعالي فتعالت. ))))