شقائق النعمان:






الأديبة  / أناستاسيا امال  / تكتب 


 شقائق النعمان:

من هنّ بعدما وئدت الغيرة على عرضهن في تراب الرضوخ والذل، وتواري معظم حماة عرينهن وراء الدعاية لشهرة قاروراتهم، التي سخّروها للترويج بجمالها قصد كسب ما يغير حياتهم وحياتهن للأفضل......

كانت أروى تنغمس في إرضاء أرباب عملها، وتسعد كثيرا بما تدره عليها وظيفتها من ثروة ما فتئت تتزايد و طموحها في تجاوز كل الحدود، وزوجها سعيد بالتقدم الذي تحرزه زوجته المصونة بالنسبة لنظرته القاصرة، لكنّها مجرد بضاعة تنهشها أعين الذئاب البشرية كلما عرضت جمالها بحجة تقمص الأدوار، أو خوض غمار الإعلانات لشركات همها الوحيد بيع كم هائل من منتجاتها، غير آبهة بما تقدم عليه مقابل ذلك...

ومضت الأيام، وكلام الناس تتصاعد وتيرته في كل تجمع، والزوج يتظاهر باللامبالاة لما يسمعه، وذات يوم التقى بصديقه من وقت الدراسة، وبعدما تبادلا الأشواق، حاول وضعه أمام الأمر الواقع، وقدم له نصيحة لا تقدر بثمن، حينما ذكّره بعدد الأصدقاء الذين ماتوا قبل أعوام وأيام، وختم نصيحته بقوله:" لقد تحريت كل السبل التي تجمعني بك، لما شاهدتك في تلك الرؤيا، كنت تقف بقدمين في النار، وتحمل قبسا ملتهبا تحرق به كل ثوب ترتديه زوجتك، لتفضحها أكثر، فهل أستطيع تدارككما قبل فوات الأوان؟!"، قعد على قارعة الطريق وأطرق رأسه شارد الذهن، حاول مواصلة  التحدث معه، لكن صاحبه سافر بخلده إلى ما وراء الوعي، فدعا لهما بالهداية وغادر ولهًا عليهما.

  شرعت الأمطار تهطل بغزارة، وزوجته في طريق عودتها إلى المنزل، فتبللت ملابسها، وأظهرت مفاتنها، والشارع مهجور من المارة عدا المتشردين فيه، والذين يقتنصون أي فرصة تضمن لهم قوت يوم أو عدة أيام......

يتبع.........

أناستاسيا آمال#


شقائق النعمان(02):

ما إن مرت عليهم ترتجف تشجعت وطلبت منهم المساعدة، فلم ينظروا إلى حالتها، بل إلى ما عليها من حلي، وإلى حقيبة يدها، فأدركت خبث نظراتهم، اعتذرت عن إزعاجهم ومدت خطوات الحذر مبتعدة عنهم، لكنهم اعترضوا سبيلها وجردوها من كل شيء تملكه، وفروا بعدما تعدوا عليها بالضرب......

 اتصلّ بها زوجها لمرات فتفاجأ بهاتفها مغلقا......

عاد إلى البيت ناقما عليها، فلم يجدها، لازم انتظاره لها طيلة الليل، وفي مخيلته تعقد أسوء الاحتمالات، وتشحن أفظع القرارات، ولما مضت أربع وعشرون ساعة أعلم الشرطة عن اختفاء زوجته، بعدما لم يجد لها أثرا في كل الأماكن التي كانت تقصدها......، وتكاثفت الجهود للبحث عنها، لكن الوقت يؤكد لهم بطوله أن بحثهم لا جدوى منه......

يئس الزوج من عودتها، واختار السفر على تصفح ملامحها في لوحات الدعاية، أو على شاشة التلفاز........

لقد كان يتمنى توبتها على يديه حينما تعود في ذلك اليوم، لكن للأسف، ربما قدرها لم يحمل لها ذلك في صفحاته......

بعد جهد جهيد عثر على عنوان بيتها، فاتجه صوبه سعيدا بتحقيق رغبتها ورجائها، طرق على الباب لمرات، فقالت له الجارة:" لقد رحل السيد أكرم دون رجعة بعدما فقد زوجته، هل أردته في شيء؟"، رد عليها:" ألم يعلمكم بوجهته؟!، قالت: "نعم، فقط سمعنا عن قراره في بدء حياة جديدة مع فتاة اختارتها له خالته"، استغرب ما سمعه وشكرها منصرفا إلى بيته......

استقبلته قائلة بلهفة: أين أكرم؟ لم عدت بمفردك؟!، أم أنه تخلى عني بسوء ظنه في؟!"، قال لها:" يجب عليك نسيانه، لقد بدأ حياة جديدة في بلاد الغربة"، أجهشت بالبكاء وارتمت بين أحضان أمه المندهشة مما حدث، بعد مدة عرض عليها الاختيار بين ماضيها مع شهرتها دونه، أو حاضرها دون شهرتها مع حبه وتقديره، فاختارت الحب والتقدير.....

ومضت الأيام والشهور والأعوام، وكبر أولادها، كما كبر أولاده، وفي عيد الربيع قرر أكرم خطبة الفتاة رؤى لابنه هشام، ولما استقبلته مع زوجها، صعق برؤيتها، وهي برؤيته، وتعكر مزاجهما، وأعلنا عن افتراق الشاب والفتاة دون سبب معلن، فقط أهوال الماضي شنت حربها على الجميع.....

في البيت صفع ابنه قائلا:" لن أزوجك بفتاة كانت أمها متاحة للجميع، أكيد ستورثها"، وهي في البيت تواسي في ابنتها قائلة:" لن أزوجك بمن كان والده أسوء زوج يعرض زوجته للبيع مقابل وسخ الدنيا....."

أناستاسيا آمال

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

(((( أبت الحقارةُ أن تفارِقَ أهلها. ))))

يا من تراقبني بصمت

((((( قلت لأحلامي تعالي فتعالت. ))))