شريف






الأديبة  / رومي الريس  / تكتب

 تقلب على فراشه كأنما يتقلب على الجمر

فالبرغم من فراشه الوثير

،وحجره نومه غالية الثمن

لم يكن يستطيع النوم

إلا بشق الأنفس

،ويظل يتقلب طوال الليل ذات اليمين وذات الشمال في محاولات يائسة من أجل الفوز بسويعات قليلة ينام فيها ،وينال قسطا ولو يسيراً جدا من الراحة (لمواصلة العمل الذي يتوجه له مرغما فقد أصبح تردده على مكان العمل ثقيلاً على قلبه وكأنه في زيارة للمقابر )


آه أي راحة سأجدها بعد الذي كان (هكذا حدث شريف نفسه )

لقد انغمست في الفساد حتى النخاع

فمنذ زمن بعيد مددت يدى للمال الحرام دون شعور بالذنب أو وازع من ضمير، بعت نفسي للشيطان

كسبت العالم ،وجنيت الأموال الطائلة، وخسرت نفسي

لقد صرت اركب أحدث السيارات ،وارتدي أغلي الملابس والماركات العالمية، و أضع

أغلي العطور الباريسية ،وسكنت القصور ،ولكني على الجانب الآخر صرت 

أتعاطى الأقراص المنومة حتى أستطيع النوم دون معاناة وأرق 

فكل يوم قبل النوم يتراءى أمام عيني شبح 

سعيد الذي كان زميلا لنا في الشركة وأقرب اصدقائي ،ولكني تحالفت مع الشياطين ضده وبعته بثمن بخس والأدهى من ذلك أنه قد زج به إلى السجن وحكم عليه بعشر سنوات


لن أنسى ابدا يوم الحكم عليه وهو محبوس داخل القفص الحديدي و نظرة الخوف في عينيه كسهام مسنونة تخترق القلب 

كنت أجلس إلى جوار القفص ابث الطمأنينة في نفسه حتى نطق القاضي بالحكم الذي زلزل كياني

حبس سعيد، ولم يحتمل المسكين الصدمة فبعد وقت قصير أصيب بأزمة قلبية حادة أودت بحياته 

آه كم احسده فقد مات و استراح 

عاش شريفاً ،ومات مظلوماً 


أما أنا أعيش مع عذاب الضمير كل لحظة وكل ثانيه حتى أصاب بنوبات هلع أشعر خلالها بأنني على وشك الموت

،وتوجهت إلى الطبيب النفسي طلبا للعلاج اعطاني عقاقير طبية

لم أشعر بأي تحسن يذكر

بل أكاد أجزم أن حالتى قد ازدادت سوءا


إنني الأن أتمني لأيام الفقر أن تعود من جديد

فقد كنت حينها سعيداً ،ومرتاح البال

،وكنت حين اضع جانبي فوق السرير اغط في نوم عميق كالأطفال


قرر شريف أن يزيح هذا الحمل الثقيل عن كاهلة

،صارح طبيبه بسره الخطير 

،ونصحه الأخير بالتوجه إلى الشرطة للابلاغ عن جريمته لكي يكفر عن ذنبه ،ويشعر براحة الضمير والسلام


في المساء وبعد أن فكر مليا قرر التوجه في الغد لتقديم البلاغ

وفي تلك الليلة وضع شريف رأسه فوق وسادته وراح في سبات عميق ورأي سعيد لأول مرة منذ فترة طويلة في الحلم وكان ينظر له وعلى وجهه ابتسامة جميلة

    بقلمي رومي الريس

بعنوان/  شريف

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

(((( أبت الحقارةُ أن تفارِقَ أهلها. ))))

يا من تراقبني بصمت

((((( قلت لأحلامي تعالي فتعالت. ))))