بائعُ الرّحمة







الأديب/ عبدالمجيد أحمد الحمود / يكتب 

 قصة قصيرة/ للأطفال

بائعُ الرّحمة

===============


منظرُ الأرضِ و هيَ تكتسي بثوبِها الثلجيِّ جعلَها تبدو كعروسٍ في ليلةِ زفافِها، و فرحُ الأطفالِ و هم يتقاذفون كراتِ الثَّلجِ دفعَني كي أخرجَ و أشاركَهم الّلعب...

الجوُّ باردٌ جدًّا لكنَّنا كنَّا سعداءَ و نحنُ نركضُ و نلهو...


فجأةً وقعَتْ عيني على طفلةٍ تجلسُ جانبَ شجرةِ سروٍ عاليةٍ، كانت تتكوَّرُ على نفسِها و تنفخُ في يديها، و هي تكادُ تتجمَّدُ من البرد، أسرعْتُ نحوَها...لا أصدِّقُ ما أرى إنَّها بائعةُ الكبريت...

هي حقيقيَّةٌ إذًا و ليسَتْ مجرَّد قصَّةٍ من الخيالِ...


سحبتُها من يدِها...أخذتُها إلى منزلِنا...جهَّزَتْ لها أمّي غرفةً دافئةً بفراشٍ وثيرٍ و خزانةٍ ملأى بالكثيرِ من الدُّمى الجميلة...

منذُ ذلك اليوم أصبحَتْ فردًا من أسرتِنا...ملأَتِ السَّعادةُ قلبَها و أنارَتْ بضحكتِها الدّافئةِ بيتَنا...


فجأةً شعرْتُ بيدِ أمّي تلامسُ شَعري..استيقظتُ و دمعةٌ تسيلُ على خدّي...

نهضْتُ من فراشي مسرعًا...

بحثْتُ عن بائعةِ الكبريتِ في كلِّ أرجاءِ المنزلِ...

لمْ أجدْها...

كانتِ الثّلوجُ لا تزالُ تتساقطُ في الخارجِ و كانت قصَّةُ بائعةِ الكبريتِ لا تزالُ بجوارِ سريري...

أخيرًا تذكَّرْتُ أنَّني قد نمتُ و أنا أقرأُ تلكَ القصَّةَ...


صرخْتُ: ليتَ ذلكَ الحلمُ كانَ حقيقةً...

ابتسمَتْ أمّي و أنا أحكي لها تفاصيلَ الحلمِ لكنَّها وعدَتْني أن نبحثَ معًا في كلِّ شتاءٍ عن كلِّ بائعاتِ الكبريت، و أن نأتي بهنّ إلى منزلِنا.

======================

د.عبد المجيد أحمد المحمود

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

(((( أبت الحقارةُ أن تفارِقَ أهلها. ))))

يا من تراقبني بصمت

((((( قلت لأحلامي تعالي فتعالت. ))))