ملاك الرحمة







الأديبة/ رومي الريس / تكتب

 كان يوما شاقا، ومشحونا بالعمل وكالعادة مرت جينا على جميع عنابر المرضى وهي تتحرك بخفة ورشاقة وكأنها فراشة و اطمأنت أن كل شيء يسير على ما يرام وحين دخلت لحجرة العجوز جورج وجدته في حالة يرثى لها وحين رآها أمسك بذراعها بكل قوة كأنه غريق يمسك بطوق النجاة...نظر إليها بعينين زائغتين وقال لها:

ابقي معي قليلا... لا تتركيني... أنا خائف... أشعر بالبرد... أحس أنني سأموت اليوم... أشعر بأني لست على ما يرام

ربتت على كتفه بحنان ونظرت إلى عينيه وقالت له: ما الأمر؟ لا تبالغ ...أنت بخير ...لاداعي للقلق

...حسنا سأمر على باقي العنابر ثم أعود إليك سريعاً ...حاول أن تنال قسطاً من الراحة عزيزي

ثم انصرفت

كانت جينا كبيرة الممرضات وكانت ملاكا للرحمة ومثالا للإخلاص والتفاني في العمل... إنسانة محبوبة من الجميع من الأطباء والممرضات والمرضى، بعد الإنتهاء من متابعة المرضي ألقت جينا بجسدها المنهك فوق الكرسي ،واسندت رأسها للوراء و أطلقت آهة طويلة، ولكنها سرعان ما هبت واقفة كمن لدغه ثعبان ، واتجهت مسرعة نحو حجرة جورج المريض العجوز ،وحين فتحت الباب واقتربت منه ، وهي تبتسم ثم قامت بمناداته فلم يرد  فوضعت يدها على وجهه

فوجدته بارداً كالثلج ... كان شاخصا ببصره نحو المجهول، وهو فاغرا فاه

أووو جورج ... سامحني

 ...

لقد مات المسكين ،وفاضت روحه لبارئها...كانت آخر أمنية له أن يجد من يكون إلى جواره في ساعاته الأخيرة... لقد مات وحيداً ولم يكن له أحد يسأل عنه كما أخبرها سابقاً فهو لم يتزوج قط... لقد خذلتك

آه... آه

ولم تتمالك جينا نفسها ،وسقطت أرضا وهي تصرخ وتولول كالمجنون

يا إلهي! ماذا فعلت؟ ماذا فعلت؟ 

     بقلمي رومي الريس

بعنوان/ملاك الرحمة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

(((( أبت الحقارةُ أن تفارِقَ أهلها. ))))

يا من تراقبني بصمت

((((( قلت لأحلامي تعالي فتعالت. ))))