عناق فريد







الأديبة/ هدى محمد العباسي/ تكتب

 عناق فريد 


طرقت بكفها الدافئ نافذتها؛

جرتها قدم البهجة؛ فتحت لها، تبسمت، تعانقا بحميمة حتى نضج الشعور.


خرجت إلى الشرفة؛ استقبلتها العصافير؛ شرعت تقبل أناملها وراحة يدها الممتلئة بالحَب؛ و بشهيق عميق ؛ تهافت نسيم عبق الصباح إلى رئتيها دفعة واحدة؛ مقبلا ما واجه ناثرا خلفه ذرات سعادة؛ 

لتزفر نغماتها العذبة مثل لحن غزلي رفيع؛ وإذا بالزهور تتمايل من تلقاء نفسها؛ بعد أن عاكستها تيارات الرياح الشقية طالبة ترتيب موعد غراميا معها.


كل يوم تغدقها حبا؛ تزداد أغصانها فتنة.

و كونها واقعة في حب الجمال فلا عجب أن كان هناك الكثير من صوره: زهر نيسان بلونية الأحمر والوردي؛ و الأبيض منه أيضا.

و القرنفل بلونه البنفسي الساحر (لطالما كانت تحب اللون البنفسجي فهو يذكرها بالسعادة) بما في ذلك الياسمين الشهير.


في كل مرة تصب فيه الماء لإحداهن تزرع بداخلها سر من ثم تسقيه؛ مؤمنة بأن أحلامها ستزهر حتما مثل زهرة.. 

و في الشرفة نفسها؛ تحديدا عند الزاوية الأخرى، هناك تقبع طاولتها وكرسي الاعتراف؛ تحضر كوبها المفضل؛ ترتشف شاي أحمر إذ مر النور من خلاله بدا كأنه الياقوت.

تتناول أول رشفة مقربة الكوب نحو حبات التوت؛ تقبلهُ؛ فيتصاعد البخار منتشيا ملء وجهها يداعبه.


عيناها الكحيلتان تسبحان في التيه الجميل؛ فيغرق كل من عبر إليهما.

 أما الشمس فترسل أشعتها الذهبية من بعيد كشارة شكر لمشاركتها الأجواء؛ وأحيانا غيرة من شعرها الحالك الذي ما استطاع أن يخترقه نورها.


تراقبها الطيور من أعشاشها؛ والحمرة قد سكنت وجنتيها؛ و أما العيون فبها ألف حكاية آسرة؛ بكفها الحريري تحتضن وليدها الجديد؛ تحمله بحب وتقلب صفحاته بشغف وما بين الأول والثاني؛ خُلقت قصص عشق ورواية..


فجأة؛ تفجرت الأصوات في الأجواء؛ كان الحي أشبه بإناء ينضح؛ طرقات حادة على باب المنزل؛ صمتت العصافير وتجمدت عروق الأزهار؛ أمطر رأسها بالأسئلة؛ قذفوها بالحجارة؛ تراجعت للداخل؛ وعندما فتحت؛ وجدت أجوبة كل تساؤلاتها ملقاة دفعة واحدة بداخل صندوق صغير وضع على عتبة الباب بجانبه رسالة فارغة. 


هدى محمد العباسي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

(((( أبت الحقارةُ أن تفارِقَ أهلها. ))))

يا من تراقبني بصمت

((((( قلت لأحلامي تعالي فتعالت. ))))