((((( فرحة لم تكتمل. ))))





الشاعر / العماري مصطفى  / يكتب
*****
فرحة لم تكتمل            ((( العماري مصطفى)))

..واخيرا  كبر لي طائرا دجاج وصار بإمكاني _وأنا طفل_ أن أرتدي الجديد من اللباس يوم العيد عكس الاعياد السالفة. وقد انتظرت هذه اللحظة طويلا وانا أعد الايام والأسابيع منذ ذلك اليوم الذي أهدتني فيه جدتي أربع بيضات بمناسبة  حفظي 15حزبا من القران وتزويق لوحي من طرف شيخي الفقيه "التخريجة" خيرتني أمي حينها بين أن أظفر بأكلهن أو أن أضمهم لرزمة بيض بيتنا الذي ستحضنه إحدى دجاجاتنا حتى يصير لي طيور دجاح مستقبلا .فقست الدجاجة البيض وسلمت لي بيضتان من الاربع ، ومرت الايام وكبرت الكتاكيت وأينعت وحان وقت بيعها ،قررت أن اشتري بثمنهن بدلة العيد وكانت رياضية من قطعتين بلون احمر وخطوط بيضاء" عويطة" اشتريتها من" جمعة فوكو" كانت فرحة لا توصف وانا اقيسها وقد اتت لي بها والدتي من سوقنا الاسبوعي .لممتها برزمة واحتفظت بها في صندوق البيت الكبير بعيدا، حتى لا يصل اليها احد من أشقائي الذين لم يرقهم الأمر وطلبوبمثلها وتملكهم الحزن والغضب ،أضحيت أعد أيام العيد  بلياليها ونهاراتها، وفي كل مرة  اسأل والدتي: كم بقي للعيد ،وقد انتظرت قدومه بفارغ من الصبر والشوق وكأني أنتظر عودة عزبز  طال غيابه من سفر بعيد ،حذثث أقراني كلهم من القرية عن بدلتي الحمراء وأوصافها وثمنها ،وكانت اطول الأيام تلك التي عسعس فيها الليل وأبى فيها الصباح أن يتنفس وأبت معها جفوني ان ترقدا في مضجعهما ، بت أتقلب ذات اليمين وذات الشمال أفكر في محبوبتي القانية المحتشمة في صندوقها الخشبي الذي لم تبرحه منذ أن وضعت فيه .حل صباح العيد على رائحة واحدة تنبعث من جميع بيوت" الدوار" كعادة صباح كل عيد كانت تلك الرائحة الزكية رائحة" البغرير والخنفرة" كان شغلي الشاغل إذ ذاك هو ارتداء كسوة العيد ولم أبالي بفطائر العيد  .كنت الوحيد بين أشقائي ونحن اطفال الذي يلبس الجديد وفد أغاظ ذلك أحد أشقائي الذين نغس علي فرحتي  ورفض ارتداء لباسه المتواضع وتناول الفطور فأفسد علينا فطور العيد وفرحته، وقد  انهمرت دموعه كقطرات المطر على خده ؛فأغضب ذلك والدي  الذي توجه صوبي وأمرني بصوته الجوهري أن أخلع إحدى قطعتي البدلة. لأخي ليلبسها في ذاك الصباح  قائلا: تعيد نتاوهذ خوك مسكين ميعيدش "فاكتفيت بالسروال مجبرا لا مخيرا والحزن يخيم علي فبت ذلك اليوم خيال أخي الملاصق له ،وحارسه الشخصي الذي لا يفارقه  خشية أن يلحق أي مكروه  بنصف بدلتي الحمراء ،وما كاد الليل أن يقبل و يرخي سدوله حتى توجهت صوب شقيقي كالسهم وأمرته  بخلع قميصي متحججا بأن العيد قد فات، فنفضت الغبار عنها وأعدت محبوبتي إلى مخدعها في انتظار مناسبة عيد قادم، أو عرس في قريتنا أوسفر بعيد المنال نحو مدينة البيضاء أو السوق
        
           الزمن الجميل 1986

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

(((( أبت الحقارةُ أن تفارِقَ أهلها. ))))

يا من تراقبني بصمت

((((( قلت لأحلامي تعالي فتعالت. ))))