..... وهوية الحكواتي🌿


 

 الكاتب_ الشاعر أ.سالم حسن غنيم

🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿🌿

وهوية الحكواتي


لم أكن يومًا أبحث عن شهرة، 


ولا عن تصفيقٍ في نهاية عرضٍ طويل.


كنتُ فقط أبحث عن صوتٍ لا يخون قلبي حين أكتبه.


هكذا بدأت الحكاية… 


حكاية “حكواتي الوجدان الشعبي”.


في طفولتي، كنتُ أستمع لجدّتي وهي تحيك الكلام كما تُحيك النساء خيوط الصوف في ليالي الشتاء.


كانت الكلمة عندها دفئًا، والسكوت دعاءً.


ومنها تعلّمت أن الحكاية ليست للتسلية، بل لتضميد الجرح،


وأن الإنسان لا يُشفى إلا حين يسمع نفسه في صوت الآخر.


كبرتُ، وكبر معي ذلك الوجع الجميل الذي يسمّونه الكتابة.


كنت أكتب لا لأُغيّر العالم، بل لأفهمه،


ولأفهم نفسي وأنا أتعثر بين أسئلةٍ لا تنتهي:


لماذا نحب؟


 لماذا نخون؟ 


لماذا نمضي؟ 


ولماذا تبقى الحكاية حين يرحل كل شيء؟


كنت أكتب لأن الصمت يرهقني،


ولأن الذاكرة حين تمتلئ،


 لا تجد خلاصًا سوى على الورق.


كلّ حرفٍ أكتبه هو محاولةٌ لإعادة تشكيل الحياة بملامحها البسيطة؛


وجهُ عاملٍ متعب،


 ابتسامةُ بائعةٍ في السوق، 


نظرةُ أمٍّ تنتظر ابنها على عتبة الباب.


تلك التفاصيل الصغيرة التي يصنع منها الناس أوطانهم دون أن يدروا.


في زمنٍ تسرق فيه الشاشات أرواح الحكايات،


أردتُ أن أكون صوتًا يعيدها إلى الوجدان،


أن أقول إن الحكاية ما زالت قادرة على أن تشعل النور في العيون.


إن الكتابة ليست مهنة، 


بل نجاة.


وليست ترفًا، 


بل واجب من يحبّ الناس بصدق.


“حكواتي الوجدان الشعبي” ليس عنوانًا فحسب،


بل هو وجهي حين أكتب، 


وضميري حين أحكي.


هو رغبتي في أن أُبقي الكلمة حيّة،


تتنفس بين الناس، 


تسافر من قلبٍ إلى قلب،


تسند المتعب، 


وتُذكر الغافل، 


وتواسي من أضناه الطريق.


أنا لا أكتب من برجٍ عالٍ، 


ولا من مكتبٍ أنيقٍ تحيط به الشهادات،


بل أكتب من الأزقة،


 من ضحكات الأطفال، 


من نداء الباعة، 


من وجع أمٍّ تخبئ دمعتها كي لا يراها الصغار.


أكتب من رائحة القهوة في الصباح،


 ومن الخبز الطازج،


 ومن ظلّ شجرةٍ ما زالت تحفظ سرّ العابرين.


أكتب لأن الكتابة وعدٌ بالبقاء.


وكل حكايةٍ أرويها هي نوعٌ من الوفاء…


وفاءٌ لذاك الطفل الذي جلس يومًا عند قدمي جدّته،


يستمع إلى الحكاية، ولا يعلم أنه سيحملها معه إلى آخر العمر.


أنا حكواتي الوجدان الشعبي…


أروي ما لم يُكتب في الكتب،


وأحفظ للناس ما نسوه في زحمة الأيام،


وأؤمن أن الحكاية حين تُروى بصدق،


تصبح صلاةً صغيرةً في وجه النسيان.


سالم حسن غنيم 


حكواتي الوجدان الشعبي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

(((( أبت الحقارةُ أن تفارِقَ أهلها. ))))

يا من تراقبني بصمت

((((( قلت لأحلامي تعالي فتعالت. ))))